" الطاعات القلبية : حكمها وأمثلتها "
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
" الطاعات القلبية : حكمها وأمثلتها "
الطاعات القلبية منها ما هو واجب باتفاق العلماء، ومنها ما هو مستحب، ومنها ما اختلف في وجوبه .
ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية بعض ما اتفق على وجوبه ، فيقول : (أعمال القلوب هي من أصول الإيمان، وقواعد الدين، مثل محبة الله ورسوله، والتوكل عليه، وإخلاص الدين له، والشكر له، والصبر على حكمه، والخوف منه، والرجاء له وما يتبع ذلك، فهذه الأعمال جميعًا واجبة على جميع الخلق باتفاق أئمة الدين (مجموع الفتاوى).
ويصف رحمه الله الظن بأنها من المستحبات بأنه ضلال مبين فيقول : (وتظن طائفة أن التوكل إنما هو من مقامات الخاصة، المتقربين إلى الله بالنوافل، وكذلك قولهم في أعمال القلوب وتوابعها، من الحب والرجاء والخوف والشكر ونحوه، وهذا ضلال مبين، بل جميع هذه الأمور فرض على الأعيان، باتفاق أهل الإيمان) (مختصر الفتاوى المصرية) .
وقد حكى ابن القيم اتفاق الأمة على وجوب الأعمال السابقة من حيث الجملة ، وزاد عليها الصدق، والإنابة والنية في العبادة، والنصح في العبودية، ثم قال رحمه الله : (وكذلك كل واحد من هذه الواجبات القلبية له طرفان واجب مستحق، وهو مرتبة أصحاب اليمين، وكمال مستحب، وهو مرتبة المقربين) (مدارج السالكين) .
وقد يقال : فما الذي يميز الواجب المستحق من العمل القلبي عن الكمال المستحب ؟
والجواب عن ذلك يتضح بما ذكره ابن رجب في شأن محبة الله ، عز وجل وهي رأس الأعمال القلبية، حيث جعلها على درجتين :
الأولى : فرض لازم، وهي المحبة التي توجب للعبد محبة ما فرض عليه، وبغض ما حرم عليه، ومحبة رسوله، وتقديم محبته على النفوس والأهلين، ومحبة ما جاء به، ومحبة سائر الرسل والأنبياء والصالحين، وبغض الكفار والفجار في الله، ومقتضى تلك المحبة الواجبة أن يفعل العبد الواجبات، ويترك المحرمات، ومتى أخل بشيء من ذلك فمحبته لربه غير تامة، فعليه المبادرة للتوبة، والاجتهاد في تكميل المحبة .
الثانية : درجة السابقين المقربين، وهي أن ترتقي المحبة إلى محبة ما يحبه الله من النوافل، وكراهة ما يكرهه من دقائق المكروهات، والرضا بما يقدره مما يؤلم النفس من المصائب (انظر: استنشاق نسيم الأنس . اختيار الأولى) .
ويذكر ابن القيم أن هناك أعمالاً اختلف في وجوبها، مثل الرضا بالقضاء الكوني الجاري على خلاف مراد العبد ومحبته مما لا يلائمة ولا يدخل تحت اختياره، كالمرض، والفقر وأذى الخلق له، مع الاتفاق على وجوب الرضا بالله ربًا وإلهًا، والرضا بأمره الديني .
وكذلك الخشوع في الصلاة، وهل تلزم إعادة الصلاة من أخل به ؟ مع الاتفاق على أنه لا يثاب على شيء من صلاته إلا بقدر حضور قلبه وخضوعه (انظر: مدارج السالكين وفيه ذكر الأقوال والأدلة لكلتا المسألتين. وانظر: بحثًا مهمًا في أدلة وجوب الخشوع في مجموع الفتاوى، طرح التثريب ، وتفصيلاً في مسألة الرضا في تهذيب مدارج السالكين ومختصر الفتاوى المصرية ومجموع الفوائد لابن سعدي) .
وما قرره أولئك الأئمة من وجوب تلك الأعمال القلبية، هو ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، من الأمر بتلك الأعمال المقتضي وجوبها .
ومن نصوص القرآن في هذا قوله سبحانه : " وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " [المائدة: 23] .
وقوله : " فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " [آل عمران: 175] وقوله : " وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ" [الزمر:54] وقوله : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ " [البقرة:152] وقوله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [آل عمران: 200] .
وكذلك جعلها من الإيمان الواجب من خلال أسلوب الشرط كما في الآيتين الأوليين
.
ومن نصوص السنة في الأعمال القلبية قوله صلى الله عليه وسلم : «استحيوا من الله حق الحياء» (أخرجه أحمد والترمذي وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي) يفيد وجوب الحياء من الله ، وقوله : «اتق الله حيثما كنت»(أخرجه أحمد والترمذي وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي) يفيد وجوب المراقبة، ومن نصوصها في جعل بعضها من الإيمان الواجب قوله : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» (أخرجه البخاري ومسلم) .
" درجات الناس في القيام بأعمال القلوب "
يقول الله عز وجل : " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ " [فاطر:32] .
وهذه الثلاث هي درجات العباد في أعمال القلوب والجوارح .
يقول ابن تيمية : (والناس فيها يعني أعمال القلوب على ثلاث درجات كما هم في أعمال الأبدان...) .
ظالم لنفسه : وهو العاصي بترك مأمور أو فعل محظور .
مقتصد : مؤدي للواجبات وتارك للمحرمات .
سابق : المتقرب بما يقدرعليه من فعل واجب ومستحب والتارك للمحرم والمكروه) (مجموع الفتاوى) .
" واقع كثير من الناس "
الناظر في واقع كثير من الناس يجد غفلة عن تلك الفروض العينية من الأعمال القلبية .
وفي هذا يقول ابن القيم : (فواجبات القلوب أشد وجوبًا من واجبات الأبدان وآكد منها، وكأنها ليست من واجبات الدين عند كثير من الناس بل هي من الفضائل والمستحبات) .
فتراه يتحرج من ترك فرض أو ترك واجب من واجبات البدن، وقد ترك ما هو أهم منه من واجبات القلوب وأفرضها، ويتحرج من فعل أدنى المحرمات، وقد ارتكب من محرمات القلوب ما هو أشد تحريمًا وأعظم إثمًا (إغاثة اللهفان) .
ومن آثار تلك الغفلة أن غالب الناس لا يستحضرون تقصيرهم في تلك الواجبات عند التوبة .
يقول ابن تيمية : (وكثير من الناس لا يستحضر عند التوبة إلا بعض المتصفات بالفاحشة أو مقدماتها، أوبعض الظلم باللسان أو اليد، وقد يكون ما تركه من المأمور الذي يجب لله عليه في باطنه وظاهره من شعب الإيمان، وحقائقه أعظم ضررًا عليه مما فعله من بعض الفواحش .
فإن ما أمر الله به من حقائق الإيمان التي بها يصير العبد من المؤمنين حقًا أعظمًا نفعًا من ترك بعض الذنوب الظاهرة، كحب الله ورسوله، فإن هذا أعظم الحسنات الفعلية (مجموع الفتاوى) .
ويبين شيخ الإسلام ابن تيمية بعض ما اتفق على وجوبه ، فيقول : (أعمال القلوب هي من أصول الإيمان، وقواعد الدين، مثل محبة الله ورسوله، والتوكل عليه، وإخلاص الدين له، والشكر له، والصبر على حكمه، والخوف منه، والرجاء له وما يتبع ذلك، فهذه الأعمال جميعًا واجبة على جميع الخلق باتفاق أئمة الدين (مجموع الفتاوى).
ويصف رحمه الله الظن بأنها من المستحبات بأنه ضلال مبين فيقول : (وتظن طائفة أن التوكل إنما هو من مقامات الخاصة، المتقربين إلى الله بالنوافل، وكذلك قولهم في أعمال القلوب وتوابعها، من الحب والرجاء والخوف والشكر ونحوه، وهذا ضلال مبين، بل جميع هذه الأمور فرض على الأعيان، باتفاق أهل الإيمان) (مختصر الفتاوى المصرية) .
وقد حكى ابن القيم اتفاق الأمة على وجوب الأعمال السابقة من حيث الجملة ، وزاد عليها الصدق، والإنابة والنية في العبادة، والنصح في العبودية، ثم قال رحمه الله : (وكذلك كل واحد من هذه الواجبات القلبية له طرفان واجب مستحق، وهو مرتبة أصحاب اليمين، وكمال مستحب، وهو مرتبة المقربين) (مدارج السالكين) .
وقد يقال : فما الذي يميز الواجب المستحق من العمل القلبي عن الكمال المستحب ؟
والجواب عن ذلك يتضح بما ذكره ابن رجب في شأن محبة الله ، عز وجل وهي رأس الأعمال القلبية، حيث جعلها على درجتين :
الأولى : فرض لازم، وهي المحبة التي توجب للعبد محبة ما فرض عليه، وبغض ما حرم عليه، ومحبة رسوله، وتقديم محبته على النفوس والأهلين، ومحبة ما جاء به، ومحبة سائر الرسل والأنبياء والصالحين، وبغض الكفار والفجار في الله، ومقتضى تلك المحبة الواجبة أن يفعل العبد الواجبات، ويترك المحرمات، ومتى أخل بشيء من ذلك فمحبته لربه غير تامة، فعليه المبادرة للتوبة، والاجتهاد في تكميل المحبة .
الثانية : درجة السابقين المقربين، وهي أن ترتقي المحبة إلى محبة ما يحبه الله من النوافل، وكراهة ما يكرهه من دقائق المكروهات، والرضا بما يقدره مما يؤلم النفس من المصائب (انظر: استنشاق نسيم الأنس . اختيار الأولى) .
ويذكر ابن القيم أن هناك أعمالاً اختلف في وجوبها، مثل الرضا بالقضاء الكوني الجاري على خلاف مراد العبد ومحبته مما لا يلائمة ولا يدخل تحت اختياره، كالمرض، والفقر وأذى الخلق له، مع الاتفاق على وجوب الرضا بالله ربًا وإلهًا، والرضا بأمره الديني .
وكذلك الخشوع في الصلاة، وهل تلزم إعادة الصلاة من أخل به ؟ مع الاتفاق على أنه لا يثاب على شيء من صلاته إلا بقدر حضور قلبه وخضوعه (انظر: مدارج السالكين وفيه ذكر الأقوال والأدلة لكلتا المسألتين. وانظر: بحثًا مهمًا في أدلة وجوب الخشوع في مجموع الفتاوى، طرح التثريب ، وتفصيلاً في مسألة الرضا في تهذيب مدارج السالكين ومختصر الفتاوى المصرية ومجموع الفوائد لابن سعدي) .
وما قرره أولئك الأئمة من وجوب تلك الأعمال القلبية، هو ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، من الأمر بتلك الأعمال المقتضي وجوبها .
ومن نصوص القرآن في هذا قوله سبحانه : " وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " [المائدة: 23] .
وقوله : " فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " [آل عمران: 175] وقوله : " وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ" [الزمر:54] وقوله : " فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ " [البقرة:152] وقوله : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " [آل عمران: 200] .
وكذلك جعلها من الإيمان الواجب من خلال أسلوب الشرط كما في الآيتين الأوليين
.
ومن نصوص السنة في الأعمال القلبية قوله صلى الله عليه وسلم : «استحيوا من الله حق الحياء» (أخرجه أحمد والترمذي وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي) يفيد وجوب الحياء من الله ، وقوله : «اتق الله حيثما كنت»(أخرجه أحمد والترمذي وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي) يفيد وجوب المراقبة، ومن نصوصها في جعل بعضها من الإيمان الواجب قوله : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» (أخرجه البخاري ومسلم) .
" درجات الناس في القيام بأعمال القلوب "
يقول الله عز وجل : " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ " [فاطر:32] .
وهذه الثلاث هي درجات العباد في أعمال القلوب والجوارح .
يقول ابن تيمية : (والناس فيها يعني أعمال القلوب على ثلاث درجات كما هم في أعمال الأبدان...) .
ظالم لنفسه : وهو العاصي بترك مأمور أو فعل محظور .
مقتصد : مؤدي للواجبات وتارك للمحرمات .
سابق : المتقرب بما يقدرعليه من فعل واجب ومستحب والتارك للمحرم والمكروه) (مجموع الفتاوى) .
" واقع كثير من الناس "
الناظر في واقع كثير من الناس يجد غفلة عن تلك الفروض العينية من الأعمال القلبية .
وفي هذا يقول ابن القيم : (فواجبات القلوب أشد وجوبًا من واجبات الأبدان وآكد منها، وكأنها ليست من واجبات الدين عند كثير من الناس بل هي من الفضائل والمستحبات) .
فتراه يتحرج من ترك فرض أو ترك واجب من واجبات البدن، وقد ترك ما هو أهم منه من واجبات القلوب وأفرضها، ويتحرج من فعل أدنى المحرمات، وقد ارتكب من محرمات القلوب ما هو أشد تحريمًا وأعظم إثمًا (إغاثة اللهفان) .
ومن آثار تلك الغفلة أن غالب الناس لا يستحضرون تقصيرهم في تلك الواجبات عند التوبة .
يقول ابن تيمية : (وكثير من الناس لا يستحضر عند التوبة إلا بعض المتصفات بالفاحشة أو مقدماتها، أوبعض الظلم باللسان أو اليد، وقد يكون ما تركه من المأمور الذي يجب لله عليه في باطنه وظاهره من شعب الإيمان، وحقائقه أعظم ضررًا عليه مما فعله من بعض الفواحش .
فإن ما أمر الله به من حقائق الإيمان التي بها يصير العبد من المؤمنين حقًا أعظمًا نفعًا من ترك بعض الذنوب الظاهرة، كحب الله ورسوله، فإن هذا أعظم الحسنات الفعلية (مجموع الفتاوى) .
imad max- الاعضاء
- sms :
الجنس :
المشاركات : 25
التسجيل : 28/07/2015
تاريخ الميلاد : 01/02/1998
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى