درس البديهيات
صفحة 1 من اصل 1 • شاطر
درس البديهيات
كلما خيل لنا أن صورة فلسطين انتقلت من مكانتها المقدسة .. إلى سياق العادي ,فاجأتنا بقدرتها الفذة على إيقاظ معناها الخالد , ببعديه الروحي والزمني من نعاس تاريخي عابر ...من دمها يشرق اسمها من جديد , مرجعية وبوصلة .
فلا ماضي للقلب إلا على أسوار القدس .
ولا طريق إلى الغد إلا عبر أزقتها الضيقة .
ولا أفق للسلام , على ارض الفداء والسلام , إلا بإنجاز مشروع الحرية .
سيسهل علينا القول إن الروح قد عادت للمرة الألف , إلى جسد لا يدل علية سوى دمه المسفوك , لا لان التاريخ لا يتقن العمل بأدوات طاهرة فقط , بل لان الحرية ذئبة جائعة أيضا .
وهكذا حين يُضَرّج المُقدّس بالدم , تبدو عودة الروح طقسية واحتفالية , على الرغم من أنها لم تذهب تماماً , لكن تجليها كان في حاجة إلى تطابق الوعي مع الإرادة .
انتفاضة جديدة لتعليمنا درس البديهيات العسير , فليست فلسطين جغرافيا فحسب بقدر ما هي أيضا تراجيديا وبطوله .
ولا هي فلسطينية فقط , بقدر ما هي إخصاب لفكرة العربي عن نفسه , ومعنى إضافي لمعنى وجوده , في صراعه مع خارجه ومع داخله , ليكون جزءاً من تاريخه الخاص ومن التاريخ العام .
لم تبتعد فلسطين عن حقيقتها , قبل هذا الانفجار , فقد كانت دائماً ما هي , هناك .
لكن الضباب الذي غطى البصر لم يحجب الرؤية عن البصيرة .
إذ لم تسفر الانعطافات التجريبية في السياسة, بعد , عما يُبَرّر انكفاء أحد إلى خيمته الإقليمية .
فلن يصل العرب إلى غدهم فُرادى , ولن يصل الفلسطينيون آلي القدس وحدهم وان كان لدمهم دور الشرارة والقربان .
انتفاضة جديدة لتعليمنا درس البديهيات العسير .
فلم يكفّ الإسرائيليون عن شرح مفهومهم لسلام يريدونه مفروضاًَ بالقوة , خاليا ًمن الأرض ومن العدالة , وهو سلام السادة والعبيد , الذي لا يعدُنا بأكثر من حق الإقامة في ضواحي المستوطنات وعلى أطراف الخرافة .
لقد استنفد الفلسطينيون كل رصيدهم في المرونة حول نفسها .
ودفعوا ثمناً أعلى وأغلى مما تستحقه تسوية لا تتجاوز الاعتراف بحقنا في إقامة دولة مستقلة على عشرين بالمائة من ارض وطننا التاريخي , دون أن يبدي الجانب الإسرائيلي أي استعداد للانسحاب من متر واحد من مساحة أسطورته عن ذاته وعن التاريخ , التي تعتبر وجودنا التاريخي في بلادنا وجوداً احتلالياً غريباً على " ارض اليهود الأزلية – الأبدية " , الخالية منا ومن التاريخ معا ... لا لشيء إلا لابتكار علاج ما لعقدة شرعية التاريخية .
هذا هو المفهوم الصهيوني للتطبيع , الذي " انطلى " حتى على بعض حكومات الأطراف العربية البعيدة التي لم تكن لها ناقة في الصراع ,لكنها حَمّلت جملها رسائل حب إلى إسرائيل , باب واشنطن العالي , منذ اتخذ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أشكالا جديدة , فهبت إلى إقامة علاقات " متوازنة " بين إسرائيل وفلسطين , ليكون لها دور الوسيط المحايد في الصراع على القدس بين الحقيقة الفلسطينية وبين الخرافة الإسرائيلية , بين الضحية والجلاد .
ألم تكن فلسطين اكثر من ذريعة ...واكثر من جسر للعبور إلى ضدها ؟
لكن الشارع العربي المطرود من السياسة , يعود اليوم إلى السياسة من باب المقدس المخضب بالدم , ليعبّر عن تراكم المكبوت , وعن مدى القطيعة من النظام , الذي تمادى في الحياد وفي التطبيع مع دولة , لم تفهم من التسوية غير ما يوفر لها القدرة على أن تنجز , في مناخ السلام الكاذب , ما لم تنجزه في مناخ الحرب , من هيمنة إقليمية , ومن راحة استفراد بالشعب الفلسطيني المحاصر .
لا سلام مع الاحتلال , ولا جدول أعمال للتسوية إلا بعد جلاء الاحتلال – هذا ما يقوله الشارع الفلسطيني والعربي الغاضب , بعفوية بليغة وبوعي عميق , وبإرادة فولاذية , وبوحدة شعورية وفكرية كاملة لا يستطيع النظام العربي تجاهلها لمتابعة دوره في الوساطة .
فان خيار السلام لم يكن يعني أبدا إخماد روح المقاومة والتخلي عن ثقافة المقاومة , والشروع السريع في تطبيع العلاقة غير الطبيعية مع الاحتلال .
وإلا , فكيف نقرأ الجنون الحربي الإسرائيلي العام ؟ وكيف نقرأ هتافهم : الموت للعرب ؟
أما نحن , فلا نملك غير جنون الدفاع عن القدس , وعن السلام , إذا كان السلام هو الابن الشرعي للحرية , ولا نملك إلا جنون الدفاع عن اخوة الطفل محمد , الجالس في حضن أبيه , مثل يسوع في قلب أيقونة .
جريدة الدستور الأردنية، 2002
فلا ماضي للقلب إلا على أسوار القدس .
ولا طريق إلى الغد إلا عبر أزقتها الضيقة .
ولا أفق للسلام , على ارض الفداء والسلام , إلا بإنجاز مشروع الحرية .
سيسهل علينا القول إن الروح قد عادت للمرة الألف , إلى جسد لا يدل علية سوى دمه المسفوك , لا لان التاريخ لا يتقن العمل بأدوات طاهرة فقط , بل لان الحرية ذئبة جائعة أيضا .
وهكذا حين يُضَرّج المُقدّس بالدم , تبدو عودة الروح طقسية واحتفالية , على الرغم من أنها لم تذهب تماماً , لكن تجليها كان في حاجة إلى تطابق الوعي مع الإرادة .
انتفاضة جديدة لتعليمنا درس البديهيات العسير , فليست فلسطين جغرافيا فحسب بقدر ما هي أيضا تراجيديا وبطوله .
ولا هي فلسطينية فقط , بقدر ما هي إخصاب لفكرة العربي عن نفسه , ومعنى إضافي لمعنى وجوده , في صراعه مع خارجه ومع داخله , ليكون جزءاً من تاريخه الخاص ومن التاريخ العام .
لم تبتعد فلسطين عن حقيقتها , قبل هذا الانفجار , فقد كانت دائماً ما هي , هناك .
لكن الضباب الذي غطى البصر لم يحجب الرؤية عن البصيرة .
إذ لم تسفر الانعطافات التجريبية في السياسة, بعد , عما يُبَرّر انكفاء أحد إلى خيمته الإقليمية .
فلن يصل العرب إلى غدهم فُرادى , ولن يصل الفلسطينيون آلي القدس وحدهم وان كان لدمهم دور الشرارة والقربان .
انتفاضة جديدة لتعليمنا درس البديهيات العسير .
فلم يكفّ الإسرائيليون عن شرح مفهومهم لسلام يريدونه مفروضاًَ بالقوة , خاليا ًمن الأرض ومن العدالة , وهو سلام السادة والعبيد , الذي لا يعدُنا بأكثر من حق الإقامة في ضواحي المستوطنات وعلى أطراف الخرافة .
لقد استنفد الفلسطينيون كل رصيدهم في المرونة حول نفسها .
ودفعوا ثمناً أعلى وأغلى مما تستحقه تسوية لا تتجاوز الاعتراف بحقنا في إقامة دولة مستقلة على عشرين بالمائة من ارض وطننا التاريخي , دون أن يبدي الجانب الإسرائيلي أي استعداد للانسحاب من متر واحد من مساحة أسطورته عن ذاته وعن التاريخ , التي تعتبر وجودنا التاريخي في بلادنا وجوداً احتلالياً غريباً على " ارض اليهود الأزلية – الأبدية " , الخالية منا ومن التاريخ معا ... لا لشيء إلا لابتكار علاج ما لعقدة شرعية التاريخية .
هذا هو المفهوم الصهيوني للتطبيع , الذي " انطلى " حتى على بعض حكومات الأطراف العربية البعيدة التي لم تكن لها ناقة في الصراع ,لكنها حَمّلت جملها رسائل حب إلى إسرائيل , باب واشنطن العالي , منذ اتخذ الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني أشكالا جديدة , فهبت إلى إقامة علاقات " متوازنة " بين إسرائيل وفلسطين , ليكون لها دور الوسيط المحايد في الصراع على القدس بين الحقيقة الفلسطينية وبين الخرافة الإسرائيلية , بين الضحية والجلاد .
ألم تكن فلسطين اكثر من ذريعة ...واكثر من جسر للعبور إلى ضدها ؟
لكن الشارع العربي المطرود من السياسة , يعود اليوم إلى السياسة من باب المقدس المخضب بالدم , ليعبّر عن تراكم المكبوت , وعن مدى القطيعة من النظام , الذي تمادى في الحياد وفي التطبيع مع دولة , لم تفهم من التسوية غير ما يوفر لها القدرة على أن تنجز , في مناخ السلام الكاذب , ما لم تنجزه في مناخ الحرب , من هيمنة إقليمية , ومن راحة استفراد بالشعب الفلسطيني المحاصر .
لا سلام مع الاحتلال , ولا جدول أعمال للتسوية إلا بعد جلاء الاحتلال – هذا ما يقوله الشارع الفلسطيني والعربي الغاضب , بعفوية بليغة وبوعي عميق , وبإرادة فولاذية , وبوحدة شعورية وفكرية كاملة لا يستطيع النظام العربي تجاهلها لمتابعة دوره في الوساطة .
فان خيار السلام لم يكن يعني أبدا إخماد روح المقاومة والتخلي عن ثقافة المقاومة , والشروع السريع في تطبيع العلاقة غير الطبيعية مع الاحتلال .
وإلا , فكيف نقرأ الجنون الحربي الإسرائيلي العام ؟ وكيف نقرأ هتافهم : الموت للعرب ؟
أما نحن , فلا نملك غير جنون الدفاع عن القدس , وعن السلام , إذا كان السلام هو الابن الشرعي للحرية , ولا نملك إلا جنون الدفاع عن اخوة الطفل محمد , الجالس في حضن أبيه , مثل يسوع في قلب أيقونة .
جريدة الدستور الأردنية، 2002
Arabian Star- المميزين
- sms :
الجنس :
المشاركات : 150
التسجيل : 13/08/2015
تاريخ الميلاد : 03/09/2000
رد: درس البديهيات
شّڳَرًأِ لًڳً ۶ـلّى أًلّمُوٌضّوِعُ أًلٌجٌمًيّلّ وِ أِلًمُفًيِدَ
جّزَأٌڳُ أًلِلًهٌ أًلٌفً خّيًرُ عُلَى ڳَلّ مٌأً تًقٌدّمًهِ لًهَذٌأُ أَلّمًنَتًدَى
نّنِتَظِرً أِبّدًأِعّأَتًڳُ أِلُجُمٌيٌلٌة بّفُأًرَغُ أُلَصّبِرٌ
جّزَأٌڳُ أًلِلًهٌ أًلٌفً خّيًرُ عُلَى ڳَلّ مٌأً تًقٌدّمًهِ لًهَذٌأُ أَلّمًنَتًدَى
نّنِتَظِرً أِبّدًأِعّأَتًڳُ أِلُجُمٌيٌلٌة بّفُأًرَغُ أُلَصّبِرٌ
MEDICINEDZ- المميزين
- sms :
الجنس :
المشاركات : 979
التسجيل : 04/05/2015
تاريخ الميلاد : 13/06/1982
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى